ابن جبير في مصر والحجاز (Arabic Edition)
قد جَمَع الكاتب هذه الرِّحلةُ في بعضِ فُصُولِها المُبْدَعةِ أَفَانِينَ مِن صدقِ التعبيرِ، وبراعةِ التصويرِ، واستفاضةِ الوصفِ، وأَصَالَةِ التفكيرِ، وطَوَّعَ من المَعاني المُسْتَعْصِيَةِ، وجَلَها في أَحسنِ مَعْرِضٍ، وأَشرَفِ صياغةٍ، وافْتنَّ فيها مُبْدِعُها ما وسِعَهُ طَبْعُه المَوْهُوبُ وخيالُهُ الخِصْبُ. وَالفائدة من هذِهِ الرحلَةَ أنها سَتُكْسِبُ الصبي — إِن شاءَ للهُ — قُدرةً على البيانِ، وتمكُّنًا من فنِّ الإِنشاءِ، وسَتَزْدَادُ ثقافَتُه الفكريِّةُ والجغرافيةُ والدِّينيَّةُ والتاريخيةُ واللُّغَويةُ كُلَّما أَمْعَنْ النَّظَر، وأَطال الرَّوِيَّةَ في تَفَهُّمِها، واسْتيعابِ طُرَفِها المُسْتَمْلَحةِ قراءَةً وتفكيرًا. وقد كَتبَ الكاتب هذهِ الرحلةَ المُعجِبَة « أَبو الحُسَيْنِ محمدُ بنُ جُبيْرٍ الأنَدلسِيُّ » وهو من « غَرناطَةَ » إِحْدى حَواضِرِ الأنَدلُسِ الَّتِي ازْدَانَتْ بكَثيرٍ مِنْ بَدائِعِ الآثارِ، وَلا سِيَّما قَصْرُ الْحَمْراءِ الَّذِي تَرى مَشْهَدًا مِنه في هذه الصُّورَةِ.